مازن... رحلة حياة 18

 مازن... رحلة حياة 18

مازن... رحلة حياة 18


هدوء

في هذه الفترة بدأت أميل إلى الهدوء ... في وسط هذا الضجيج , والتلوث الضوضائي المروع .

فكرة أننا اصبحنا لا نعرف شيئا اسمه صمت أو هدوء ... ونخاف أو نملُّ سريعا إذا كنا مع أنفسنا ... فكرة مخيفة حقا

لم يعد لدينا القدرة على التفكر والتأمل في صمت ...هل أصبحنا نخاف من حديثنا مع أنفسنا ؟ أم أننا لشدة انغماسنا في الماديات

أصبحنا نملُّ من التواصل الروحي مع النفس ؟ هل أصبحت نفوسنا كريهة ومملة لهذه الدرجة ؟ هل خرَّبت المادة روحنا.


هل تعلم أخي القاريء ان الصمت عبادة ... من ناحية ...كف الأذى , وعدم الرد ..راحة للسان من الذنوب...ومن ناحية فهو

فرصة للتأمل في عالمك الخارجي , وعلاقاتك مع هذا العالم ...والتأمل أيضا والتفكر في عالمك الداخلي ...فيما جنته نفسك...

في مشاعرها , وأحزانها , فيما تحب وتكره ...فيما ترغب من احتياجات , وفيما يؤذيها منك ومن محيطك 

الصمت والهدوء والتوقف فترة ...فرصة للتصالح مع النفس وفهم أسرارها بعيدا عن ضوضاء العالم الذي يأخذك من نفسك

... وعند التصالح مع نفسك..تبدأ رحلة  الانطلاق بنفسك إلى طرق الحق والخير والجمال ...

طريق  {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

قالوا عن الصمت

الصمت نجاة

يقول ابن حزم الأندلسي: 

"كم شاهدنا ممن أهلكه كلامه، ولم نرَ قطُّ أحدًا -ولا بلَغَنا- أنه أهلكه سكوته، فلا تتكلم إلا فيما يُقرِّبك من خالقك."



يقول لي أحد الأصدقاء إذا رغبت بشدة في الكلام والرد ...فاسكت ...فالكلام في لحظتها شهوة ممتعة يعقبها ندم... وقد رأيت في نصيحته

حكمة من ذهب , فكم جلست في مجلس غيبة , ورحت آكل لحم الناس ... ثم شعرتُ بعدها بذلِّ ما فعلت , ودونية موقفي ... وكأن

قلبي قد اتسخ ... وهدم لغوي عزٍّ الطاعات ...نعم يا صديقي ... الكلام شهوة مسعورة تحرق أمجادنا , وتهلكنا في نيران

الانحطاط

يقول أبو نواس:
مُت بِداءِ الصَمتِ خَيرٌ لَكَ مِن داءِ الكَلامِ
إِنَّما السالِمُ مَن أَلجَمَ فاهُ بِلِجامِ

قالوا عن الصمت أيضا أنه أرقى تعبير أحياناً:

يقول أحدهم "بتصرف": غريب أن يكون الصمت هو التعبير الأكثر دقة للتعبير عن الحالة... هناك لحظات

تسكن فيها ليس لأنك فقدت أحبالك الصوتية , ولكن لأنك تعجز عن إيجاد مفردات تصف ما تشعر به ...ليكون التعبير الوحيد

الذي يؤدي الغرض هو " الصمت"

عندما قرأتُ كلامه تذكرت نزار قباني في رسالته إلى تلميذة حين قال

فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً

 فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ 

كَلِماتُنا في الحُبِّ .. تقتلُ حُبَّنَا 

إن الحروف تموت حين تقال..

يستمر  في حديثه عن الصمت فيقول : ان حالة الصمت قد تكون سيدة النقاش بين اثنين , بينهم قواسم مشتركة كثيرة جدا

من المواقف والمشاعر والاحداث...لدرجة تحول تلك اللحظة الهادئة جدا , عبارة عن نقاش مستعر بينهم , عبارة عن سيمفونية

أنيقة , عبارة عن عتاب وبكائية واحتضان و"خناقة" رومانسية لا تهدأ

يغيب صوت الحروف ويبقى صوت المشاعر حاضرا...السكون الصاخب أو ضجيج الصمت

وأزيدكم بأن بعض المواقف واللحظات يصبح الصمت فيها خطاباً بليغاً

انتبه لصمتك...حتى لا يوردك المهالك

لغة الجسد وما أدراك ما لغة الجسد ... وكيف أننا مؤاخذون ومحاسبون على لغة الجسد... للجسد لغة ولسان قد تورد صاحبها

المهالك

وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1)

وقال سفيان الثوري يهمز بلسانه ، ويلمز بعينيه . وقال ابن كيسان : الهمزة الذي يؤذي جلساءه بسوء اللفظ ، 

واللمزة : الذي يكسر عينه على جليسه ، ويشير بعينه ورأسه وبحاجبيه 

وأما الويل فهو وادي في جهنم والعياذ بالله

فمن ظن أن الإشارة ولغة الجسد لا ذنب عليها فقد أخطأ الفهم , ولم يدرك عمق الثقافة القرآنية الأخلاقية 

وفي العلاقات القريبة بين الأصدقاء والمحبين تصبح لغة الجسد ولغة الصمت حاضرة 

ومن لم يدرك اللغة غير المنطوقة لخله ...فعليه أن يراجع نفسه في صدق الحب والصداقة 

فعلا ...الاهتمام ما بيطلبش 

تقول الحكمة أن العنصر الأهم في التواصل هو سماع ما لا يقال 

وتقول أيضا   يكفيك من الدنيا شخص ينتبه لصمتك أكثر من كلامك

وفي الحكمة أيضا ...وصية حكيم له قصة جميلة مع غريب

يقول الحكيم

...وصيتي....
يا بني .. إن استطعتَ أن تفهم حاجةَ أخيك قبل أن يتكلم بها فافعل ..!!
فذلك هو فضل الله عليك بالفراسة .. ثم المروءة .!!
تفقَّدْ اخوانك كل حين.
فربما هم في ضيقٍ .!!
اقرأ صمت أخيك .!!
لعل عزة النفس أسكتته


وللصمت فوائد أخرى كثيرة منها

أن الصمت يمنحك جمالاً وزينة ... الصمت أجمل Make up لوجه الرجل والمرأة ...فملامح الصمت والهدوء في وجه أحدهم

 تدعوك للسكينة والطمأنينة دون أن تشعر ... فترتاح نفسك , وكأنك تاخذ استراحة قصيرة و نفس عميق بمجرد نظرة إلى هذه

 الملامح الهادئة

مع الصمت لن تحتاج المرأة إلى الكثير من الذهب والمجوهرات وأدوات التجميل ...لن يحتاج الرجل إلى الثياب الفاخرة 

وساعة المعصم الغالية ...فملامح الهدوء كفيلة بأن تصنع منك اكثر الناس هيبة وحكمة وذكاء ...ملامحك الهادئة المطمئنة

 ثراء وأمان  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذوق الراقي

خواطر مازن ...خطوات نحو التفوق والنصر 6

خواطر مازن...خطوات نحو التفوق والنصر 8