خواطر مازن...اللغة العربية

خواطر مازن...اللغة العربية


خواطر مازن
( العدد السابع )


كثيراً ما أتساءل عن دور الأدب في المجتمـع العـربي المسلم هل الأدب رفاهية يمتنهنها أصحاب العقـول (( اللي في نعيم )) .. شرذمة

فارغة لا مهنة لها تحب ( الشخبطة ) علي الورق بكلام مبهر المعاني ، وأسلوب لايطاق ، وقضايا لا تهم الشعوب و لاتمنحهم لقمة

العيش ... وتظن هذه الشرذمة ( وهو ظن محصور في أفرادها فقط ) تظن أنها صاحبة رسالة سامية والرسالة تبعثها في محيطها

الضيق لنفسها فقط .... ويظن كل واحد منهم أنه الزعيم الملهم والمفكر اليتيم ، وأن باقي الناس عبارة عن آذان خُلِقت لتسمعه وكفيين

للتصفيق له ... وعي السامع الفكرة أم لم يعي أدرك المغربي أم أن جهله حال بينه وبين الفهم .

هل يمكن اختصار الأدب في هذه الصورة القاصرة القاتمة ؟؟ ... دعني أتساءل مرة أخري ... هل ابدع الشاعر حين ابدع وصاغ كلمات

من ذهب بيتاً يردده ( عامل النظافة ) وتتفاخر بالإنتساب إلي حروفه نخبة المجتمع المثقفة .
هل أبدع حينما نظم هذا البيت :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

هل أبدع هذا البيت ليتفقه فقط أباطرة الأدب ومدمني الكتب والمتعاطي الفكر ، من يستنبطون وُيكْشَف عنهم الحجب ، أم أنه حين أبدع

أراد مخاطبة البشر كل البشر ، وطرق أبواب القلوب كل القلوب وزلزلة العقول كل العقول .
أنا مؤمن بأن الأدب أحد أوجه الحضارة بل هو أهم وجوهها ولم يكن زرياب الملقًّب بـ " معلم الناس المرؤة " لم يكن رقماً أو شخصاً

عابراً في التاريخ الإسلامي ... علماً بأن زرياب كان موسيقاراً متميزاً في آلة العود .
أنا مؤمن بأني حين أكتب فإنني أُحلِّق في السماء السابعة أغازل النجوم وأستأذنها في رقصة مجنونة ... حين أكتب فإنني أهبط

للأرضين السبع أبحث عن أحكم حكماء الجن وأستأذنه في تعلم فنون السحر ..... علَّه الجني ... علَّها... النجوم تمنحني الأفكار الجديدة

كي أغير الخطأ ، الظلم ، والجهل .

كي أبعث من جديد حياة القيـم وأزرع مفردات الإنسانية في صدور البشر .. كي أذكر بني آدم بقيمته الراقية ولقد كرًّمنا بني آدم .
إني أحلق في دنيا الخيال في عالم أشبه بعالم ( والت ديزني ) عالم ملًّون ... لأقدم الموعظة الحسنة والنصيحة ، لأقدم الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر ، لأقدم أفكار المسارعة في الخيرات لأقدم العلم الصحيح والحكمة الرشيدة لأقدم كل هذا في طبق ملون به اصناف

لذيذه متنوعة .. به خمر لذة للشاربين به عسل مصفي وماء غير آسن به لبن لم يتغير طعمه ، به لحم طير مما يشتهون وفاكهة مما

يتخيرون ... تقدم هذا الطبق حور عين وولدان مخلدون ... طبق مصان من التلوث طبق بأيدي سفرة كرام بررة أقدم الخير بصورة

شهية ،

حتي يكون الخير الثقيل علي النفس ، المخالف للهوي والرغبات ... حتي يكون ( بالعربي مهضوم ) ، بالعربي مرغوب بالعربي حتي

يكون الخير شهوة ، أقدم الخير للقارئ بطريقة تجعله يعشق الخير ولسان حاله يقول : لو يعلم الملوك ما نحن فيه من النعيم لحسدونا

عليه .... ولكن هل اللغة العربية مزية وتنفرد عن باقي اللغات في مجال الأدب ... كنت أسمع د / محمد سليم العوا يقول : القرآن أرقي

عمل فني في الوجود ... طبعاً هو تنزيل من حكيم حميد فلا بد أن يكون الأرقي بين كل الأعمال الأدبية والفنية علي مر العصور ، وأنظر

إلي لغة هذا العمل الفني الخالد واللغة العربية ... أنها اللغة المنتخبة من بين لغات العالم لتشرف بإستضافة ( القرآن الكريم ) كلام الله ،

اللغة المنتخبة لتخاطب العالم ( الزماني والمكاني ) ، لتخاطب الثقلين الإنس والجن ، وعندما تتدبر الآية (وما أرسلنا من رسول إلا

بلسان قومه)، ستعرف أن القرآن الكريم المُنزل باللغة العربية هو الكتاب الخاتم المهيمن الخالد الصالح لكل العصور وكل الكائنات ، وأن

اللغة العربية هي لغة الروح التي تلمس شغاف القلب وعنى الناس معانيها أم لم يعوا ..... يتبع .
بقلم : د . محمد صفوت


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذوق الراقي

خواطر مازن ...خطوات نحو التفوق والنصر 6

خواطر مازن...خطوات نحو التفوق والنصر 8