عن الحب 6
1- ثقافة الحب
كثيرة هي صفحات الحب , الممتلئة بالكثير الكثير من كلمات الحب , وثقافة الحب , والعواطف المغرقة في الرومانسية...وهذا شئ
جميل , ومطلوب لخلق مجتمع أفلاطوني , يسوده الحب والسلام ...وأرجو أن تستمر هذه الثقافة , وتنضج , حتى تكون قادرة على
إنهاء الصراعات والحروب وثقافة الكراهية في العالم...طبعا سيظل السلام الدائم الكامل حلما لن يتحقق إلا بمجرد وضع قدمك داخل
الجنة ...لكننا لن نحرم من جنة الله على الأرض , التي وإن لم تكن كوطننا الحقيقي "جنة الآخرة" ...إلا أنها ستظل الأكمل والأعدل
والأجمل في عالم البشر.
لن يكون الحب ناضجا حتى يرتبط بالسماء , وما يريده الله بنا (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )...السعادة يسر, السلام
والعدل , والنجاحات , والرقي في التعامل مع الكون , دون ظلم للآخر وأنانية وطمع ...كل هذه القيم يسر وأي رؤية أخرى للحب مهما
بلغت من الرومانسية والنعومة ستظل قاصرة في رؤية السعادة الحقة , ستظل ظالمة للمحب والمحبوب وباقي أبطال القصة الحالمة.
غالب المقصود من كلمة الحب , في صفحات الرومانسية , هي عاطفة ثائرة لا تهدأ بين رجل وامرأة ...عاطفة قاصرة تغفل عن باقي
المشاعر والواجبات والحقوق , إنها تغفل عن وجود العالم ...إنها دنيا خاصة فقط باثنين ...وهذا مطلوب ولكن بقدر محدد .
ومن المهم أن يؤمن الحبيبان بأن الحب العادل الكامل هو الذي ينشر السلام في العالم , ويمنح البشرية نورا يضئ طريقهم
وأن يكون حبهم بحق خطوة في طريق الهداية المطلوبة في قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم)
2- الجمال وحراسه
(ك )مازن أعيش في هذه الدنيا مسافرا في عالم الأفكار , وأتابع أخبار الجمال في كل مكان ... في محاولات دائمة للتعرف
على رب الجمال ...وخالق الجمال ...ومعاودة التأمل في الرسائل السماوية المبعوثة منه عز وجل في كل أحداث حياتي حلوها
ومرها ...مرها في الظاهر "حلوها في الباطن" أيضا ...فربنا هو رب الخير والجمال ولا يمكن أن تكون أفعاله إلا خير وجمال.
الجمال أحبابي في نظري هو جمال الظاهر والباطن ...والجمال الباطن أعلى وأبقى من الظاهر ...وبه تتحقق السعادة الحقيقية ,
فجمال الباطن يهتم بالروح ...والروح مخلوق غريبة عن الدنيا , لاجئة في عالم البشر ...تشتاق للعودة لوطنها الأصلي ...السماء
فقد أنهكها جسد طيني فان , وأتعبها سلوكه المرتبط بالأرض , أتعبتها أطماع الجسد وشهواته وغفلته التي فاقت غفلة الأنعام.
وانظر إلى الارتباط الرائع بين جمال الظاهر والباطن في رجال الإسلام -حراس الجمال الحقيقي في الدنيا-
فقد اشتهر فيهم القول بأن "المروءة هي النظافة وطيب الرائحة" ...فالمروءة قيمة جميلة لا تنفصل عن ظاهر جميل , فهي لبس
نظيف مهندم , وعطور تبعث في النفس السعادة و ومشاعر مبهجة وذكريات محبوبة وشوق لجنة هواءها المسك لا
الأوكسجين .
...وقد نُسِب للفاروق "حارس الجمال" الأشهر في التاريخ قوله: مروءة الرجل نقاء ثوبه - وقوله: المروءة الثياب الطاهرة
يقول أحد الحكماء : العقل يأمرك بالأنفع , والمروءة تأمرك بالأجمل
يقول الأحنف بن قيس "من حراس الجمال " : المروءة : التقى والاحتمال...ثم ينشد
وإذا جميل الوجه لم يأت الجميل فما جماله
جمال يوسف
فإذا ذكر الجمال فلا يمر دون ذكر يوسف عليه السلام , وهو رمز الجمال على مر العصور ...والرسل كلهم قد جمعوا كمالات
الحسن الظاهر والباطن , لكن الله ميز يوسف عليه السلام بجمال معجز ...كان له قصة ترددها ألسنة الشباب المؤمن , وتجعل
منها دستورا للعفة , ووسيلة للحفظ على براءة فكرهم حتى ينالوا رضى الله , ويكرمهم بالحب الحلال الذي يحفظ حقهم ويعزهم
...يوسف وقصته مع زليخة التي هامت بجماله , خلقا وأخلاقا ...حتى فقدت اتزانها , وتصرفت بحماقة المحبين المعهودة دون
مراعاة للواقع والأعراف
....قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين( 30 )
والشغاف غلاف القلب وحجابه فقد امتلك حبه لها شغاف قلبها , فصارت في يته وضلال , وقد ذكرنا سابقا
أن الضلال من أسماء الحب في مقال سابق عن الحب 5
وكان ابتلاءا شديدا لنبي , لكنه تربية الله ...فاستطاع بحكمة ونبل أخلاقي رفيع أن يتعامل مع الموقف حتى أن زليخة , لم تنل
رغبتها منه , لكنه لم تحرم من فيوضات جماله الأخلاقي في تعامله معها في وقتها أو بعد سنين ...لقد أرادت أن تنال من جماله
الظاهر ...لكنَّ الله أراد لها أن تنهل من جماله الرباني الشريف , الذي لا يخالظه سوء ... فهمت معنى الجمال الحقيقي
وفهمت عن الله رسائله ...حتى اعترفت ببراءة يوسف في النهاية ...
فكان جماله أداة بناء وتزكية للنفوس ...وسبب لمعرفة زليخة طريق الحق والنور
تعليقات
إرسال تعليق
يسعدنا مشاركتكم لنا في بحثنا عن السعادة ,بتعلقيكم على الموضوع