طرق بر الوالدين

 طرق بر الوالدين

طرق بر الوالدين



 

تمر علينا كلمة البر والإحسان في الآيات والأحاديث , تعجبنا ونذكر غيرنا بها لدعوتهم للبر , ولكن كثير منا لا يعرف ترجمتها

 لسلوك واقعي في حياتنا اليومية , لعدم الاهتمام بالتطبيق الفعلي للبر, ولكلام الله ورسوله عموما, فقد اعتدنا الاستماع

 ومصمصة الشفاه

وتعودنا ذكر أحوال العاقين وعدم وفاءهم للآباء , اعتدنا الشكوى ولم نتعود الفعل 

لقد أمرنا الله ورسوله بالبر - والبر كلمة جامعة لكل صفات الخير

وأمرنا بالإحسان - وهو بذل جميع المنافع

والإحسان في علاقتك بالله وهو:  أن تعبد الله كأنَّه تراه فإن لم تكن تراه فإنَّ الله يراك.  



وردتْ كلمة 《 إحساناً 》في خمس آيات :
▪︎في قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بني إِسْرَائِيلَ
لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله وبالوالدين إِحْسَاناً }
[ البقرة : 83 ]
▪︎وفي سورة النساء : { واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ
شَيْئاً وبالوالدين إِحْسَاناً . . . }
[ النساء : 36 ]
▪︎وفي الأنعام : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ
أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وبالوالدين إِحْسَاناً }
[ الأنعام : 151 ]
▪︎وفي الإسراء : { وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ
وبالوالدين إِحْسَاناً . . . }
[ الإسراء : 23 ]
▪︎وفي الأحقاف : { وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً . . . }
[ الأحقاف : 15 ]

وأمرنا بمصاحبة الوالدين وهي تعني : الملازمة والمرافقة

إذن 

فقد وضع الله لنا أسس التعامل مع الوالدين بكلمات مفتاحية لجميع أنواع الخير , وتركها دستورا لنا في محجة رسوله البيضاء

ثم فتح لنا بابا عظيما اسمه الاجتهاد والإبداع في تحصيل كمالات البر الللا متناهية للوالدين والتي تجعلهم في سعادة ونعيم 

وليذوقوا جنة الله في الأرض... (بر الأبناء)  جنة للآباء

وفيما يلي غيض من فيض في الطرق الإبداعية للبر :

1- لا ترفع صوتك علىهما , ففي علو الصوت نوع من أنواع السيطرة  والاستعلاء,والمطلوب منك التذلل

كما أن رفع الصوت نوع من الإرهاب والتخوبف لهما وهذا أمر عظيم في نفوسهم

وهو نوع من عدم التقدير والاحترام

يقول أحد الدعاة :إن من العقوق أن تتعامل مع والديك بأخلاق (الافتراس) ؟؟؟ 

ومن أخلاق الافتراس : الصوت العالي , والنظر للوالدين بحدة , والتلفظ بألفاظ لا تليق

..........الموضوع مرعب...كيف تربي طفلا ضعيفا عاجزا عن إدارة شؤون نفسه , فإذا شب وجه إليك الإساءة تلو الأخرى


لا أستطيع التخيل, فضلا عن أرى ذلك واقعا يوميا في حياتنا


2-مشاركة الوالدين في اهتماماتهم وبذل الجهد في تعليمهم وجعلهم updated: كنت أقول لأحد الأمهات وهي تشتكي

 ابتعاد أبناءها المراهقين عنها , وأنها قد أصبحت غريبة عنهم , فلهم أسرارهم وحياتهم الخاصة  التي تعتبر (تابوه)

 بالنسبة لها  لا تعرف عنها شيئا , كنت أنصحها بأن تشاركهم اهتماماتهم, وتشركهم في اهتماماتها

- وهذه هي نفس النصيحة التي أوجهها للأبناء (ومنهم أنا)--

متى كانت آخر مرة دخلنا فيها المطبخ مع أمهاتنا وحاولنا مراقبتها وهي تعد الطعام وسألناها عن طريقة تحضيرها للطعام 

, وعن مكونات الطعام والمقادير (حتى لمجرد حب استطلاع)

نعم انها تشعر بالسعادة عندما نأكل من طعامها المعمول بحب , لكن لماذا لا نتواجد معها ونشاركها صناعة الحب

ماذا تعرف عن ذكرياتها وعائلتها وصديقاتها؟ 

الحديث عن الذكريات متعة للآباء

(تحاول تركيا توفير مساكن لكبار السن في الأماكن التي قضوا فيها طفولتهم لإسعادهم)


* كثير من الآباء يمتلكون موبايلات حديثة لكنهم لا يعرفون إلا القليل من إمكانياتها التقنية 

تعلموها وعلموها آباءكم

*رأيت قامات علمية وأصحاب مناصب في وزارة التربية والتعليم وأمهاتهم لا يعرفون حتى ماهي غزوة بدر

جميل أن تعلم أولادك تاريخهم , لكن لا تنسى أيضا أن الآباء يحتاجون لدردشة لمراجعة ثقافتهم الدينية  والتاريخية

نحتاج للاهتمام بثقافتهم  والارتقاء بها من باب:

يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43)

الآية من سورة مريم

وإبراهيم عليه السلام , يحاول أن يوصل لأبيه ,أنه وإن كان ابنه وأصغر منه سنا ,إلا أنه لا حرج في تحصيل علم

ممن هو أصغر منك.............طبعا ينبغي أن يكون هذا الخطاب بمنتهى الأدب والرقي ,لأن الأب هو المخاطب

فاستخدم بكل تقدير وتبجيل "يا أبت"


3-حاول ألا تخبر والديك بما يضايقك , ويحزنك إلا إذا احتجت مشورتهم , لأن حزنهم عليك سيكون أشد من حزنك على

 نفسك

*رأيت أحدهم يسكب الدمع في حضن أمه, يشكو لها قسوة الدنيا , وشعورة بالوحدة والغربة رغم كثرة الناس

من حوله وهو الرجل القوي الذي لم أرى له دمعا قط , لكنها لحظات ضعف نمر بها , والمحظوظ من وجد صدرا حانيا 

عليه حينها........وهل هناك أحن من الوالدين

4- اطلب منهم الدعاء لك, فدعوة الوالد لا ترد

- ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ : دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ ، ودعوةُ الصائِمِ ، ودعوةُ المسافِرِ
فما أسعد من تنعم بدعاء والديه لبره أو لقربهما من الله, أنت بدعائهما تتقلب في جنة الله على الأرض (جنة البر) وما تبسطه لك 

تلك الجنة من توفيق , وتسهيلات , ورزق  ,فالكون راض عنك , والمخلوقات سعيدة مبتسمة بوجود مخلوق بار, رحيم ,وفي مثلك

يقول عالمنا الفاضل راتب النابلسي: ما وجدت إنسانا ناجحا وموفقا في حياته , إلا وله من بر الوالدين نصيب

5-كلمات ليست كالكلمات

اهتم أن يسمع والديك البديع من الكلمات , اجعل كلماتك لهم كأنها من أحاديث أهل الجنة

كلام يبعث السعادة في القلوب ويشرح الصدور

تفنن في إبداع الأدبيات في حب والديك

-*أمي بخير, من هو العالم كي أحزن  لأجله

-*ست العطور: ولأن أمي تحب العطور, وتستمتع بأنواعها الساحرة , فقد وصفتها بست العطور أو سيدة العطور

وأصبحت مثلها عاشقا للعطور , محاولا نشرها كثقافة , ونثرها في الجو , ورشها في صدور الناس 

ليتعودوا ثقافة النظافة  والرقي والجمال,ويعيشوا شيئا من أجواء الجنة, 

فتنطلق فعالهم بما تشعر به  وتصبح أرواحهم  منسوجة من خيوط الجمال..........

أمي ست العطور ....شكرا

* تقول الأديبة العراقية في حب أمها :"بتصرف"

أمـي 
تحرس الليل حين ننام، تمشّط ظلامه بأصابع النور،
تنثرُ طيبها وطيبتها وتطعمنا الحياة ..
كانت..
ولم تَزلْ


6- رصد جزء من دخلك للوالدين وإن كانا أغنياء, من بابا الهدايا .... أو للمساعدة المالية عند تقلبات الزمن 

ريما يرفض الآباء أخذ المال من الأبناء برغم الحاجة الملحة , لأنهم اعتادوا العطاء وقد يجدون في طلب المساعدة أمرا عظيما 

فمن المهم التعامل بذكاء مع الوالدين في موضوع المساعدة لتحفظ لهم مكانتهم ومشاعرهم

وإليكم بعض القصص الذكية في مساعدة الوالدين:

"احتاجت الأم أن تجري عملية في عينها , لكنها لم تكن تملك تكاليف العملية.... وعلمت بنتها بذلك , فاتفقت مع الطبيب على

أن تدفع نصف التكاليف ,وأن يخبر الطبيب أمها بنصف المبلغ , حتى تشعر بأنها دفعت كل المبلغ بنفسها...

وقد رأيت زوجة الا بن تساعد حماتها ماديا دون معرفة الزوج .........اللهم أكرمها بإكرامها لحماتها آمين

"أب بلغ سن المعاش , وكان لدى الابن عقارا يؤجره , فأعطى لأبيه مسؤولية إدارة العقار ويحصل على إيراد العقار

7- حدث نفسك بعظيم قدر الوالدين , ومدى إنعامهم وتفضلهم عليك .......وكلما شعرت بالملل والضجر من متطلبات برهم

(مشقة العبادة وطاعة الله)....تذكر أنهم كانوا يرون فيك حياتهم وسعادتهم, وكيف كانوا يبذلون الجهد لإضحاكك

أتذكر محاولاتي المضنية في محاولة إضحاك بنتي وهي في شهورها الأولى( فقد كان إضحاكها يسعدني ويسعد زوجتي)

فضلا عن كون إضحاكها(يعد تطورا في قدراتها الاجتماعية)

كان في إسعاد أطفالنا سعادة لنا , فكيف نضيق في تفقد أحوال والدينا وتلبية طلباتهم , وهذا يشعرهم بوفائنا لهم

......تذكر قلقهم علينا ,إذا بدا علينا المرض , ولفهم على العيادات والمستشفيات بحثا عن علاجنا

......يالله , كم هي تضحية الأمهات وهي تبيت ليال في مستشفيات حكومية (غير آدمية) , ولا كرامة فيها للإنسان , فقط

رحمة بك أيها الابن........ كنت أرى الأمهات في هذه المستشفيات , وأشعر بالعجز وأنا لا أستطيع أن أوفر لهم,

مكانا يليق بهم كبشر

وأتذكر قول الشاعر.........كيف تنظر في عيني امرأة .....أنت تعلم أنك لا تستطيع حمايتها

يقول الشيخ علي الطنطاوي:
من رأيتموه ينسى فضل أمه وأبيه أو يسيء إليهما، ولو بكلمة فلا تثقوا به
ولا تعتمدوا عليه
لأنكم مهما أحسنتم إليه، فلن تولوه معشار ما أولته أمه أو أبيه
فإذا نسي فضل أمه أو أبيه وجحدها، فهل تأملون أن يذكر فضلكم، ويحفظ معروفكم؟!

8-أدب الجلوس مع الآباء

إن للجلوس في حضرة الآباء آداب وذوقيات ينبغي التحلي بها.....مثلا لا ينبغي أن تنشغل بالموبايل في حضرتهم

فهذا الوقت خاص بهم, وينبغي أن يكون وقتك معهم ذا جودة ونفع, فليس المطلوب هو مجرد الجلوس

تشتكي إحدى الأمهات لأحد العلماء فتقول : عندي ولدين إذا أتوا لزيارتي تفرغوا لقراءة جريدة (كذا وكذا), 

كل مع جريدته المفضلة

وفي هذه التصرفات عدم احترام للجلسة مع الوالدين....والأفضل هو جعل الهواتف (silent) وإغلاق التلفاز

والتفرغ لتبادل الحديث معهم , إلا إذا أشركتهم معك فيما تقرأه أو تشاهده (فهذا رائع من باب إطلاعهم على الأحداث

, وتعلم كل ما هو جديد معهم


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الذوق الراقي

خواطر مازن ...خطوات نحو التفوق والنصر 6

خواطر مازن...خطوات نحو التفوق والنصر 8